اتخذت منصة علي بابا خطوة إستراتيجية جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال دخولها السوق المصري بشكل قوي. في نوفمبر 2025، أعلنت الهيئة المصرية للشراء الموحد (UPA) وعملاق التجارة الإلكترونية الصيني عن تعاون تاريخي مع الشركة المصرية OrthoHouse لتطوير مركز لوجستي إقليمي ضخم داخل المخازن الإستراتيجية المصرية. هذه الخطوة تعني أن علي بابا لم تعد مجرد منصة تسوق عبر الإنترنت، بل أصبحت لاعبًا أساسيًا في إعادة هيكلة منظومة التجارة الإلكترونية والتصدير والاستيراد في منطقة إفريقيا بأكملها.في المقال الآتي، نتعرف على أبعاد التطور وتأثيره على السوق المصري والمنافسة مع العملاق أمازون.من هي شركة علي بابا؟علي بابا ليست مجرد موقع للتسوق الإلكترونية، بل هي مجموعة عملاقة تملك عدة منصات متخصصة تخدم قطاعات مختلفة. تأسست المنصة عام 1999 على يد جاك ما، وسرعان ما أصبحت أكبر منصة تجارة إلكترونية موجهة للتجارة بين الشركات (B2B) في العالم. المجموعة تضم عدة منصات مثل Alibaba.com للتجارة الدولية بين الشركات، وTaobao للبيع بالتجزئة للمستهلكين، وTmall للعلامات التجارية الكبرى. والذي يميزها عن المنصات الأخرى هو أنها توفر بيئة متكاملة تشمل الدفع الإلكتروني، والتمويل الصغير للشركات الناشئة، والخدمات السحابية المتقدمة. في السوق المصري، علي بابا ستركز بشكل أساسي على نموذج B2B لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبرى لتصدير منتجاتها وزيادة قدراتها التنافسية على المستوى العالمي.علي بابا في مصر: خطوة إستراتيجية جديدةالتعاون الثلاثي الذي أعلنت عنه علي بابا مع الهيئة المصرية للشراء الموحد وشركة OrthoHouse المصرية يعتبر نقطة تحول حقيقية في قطاع التجارة الإلكترونية المصرية. حسب الاتفاقية، ستقوم المجموعة بتطوير مركز لوجستي إقليمي متقدم داخل المخازن الإستراتيجية التابعة للهيئة لخدمة القارة الأفريقية بأكملها، ولن يقتصر على تخزين وتوزيع البضائع فقط، بل سيشمل أيضًا تطبيق أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات المتقدمة. الهدف من هذا المركز ليس فقط تسهيل عمليات البيع والشراء بين الشركات المصرية والعالمية، ودعم التجارة البينية الأفريقية وتعزيز فرص التصدير للمنتجات المصرية والأفريقية عبر شبكة علي بابا العالمية التي تغطي أكثر من 200 دولة، لتتحول مصر بذلك لنقطة توزيع إفريقية مهمة للمجموعة.الفرق بين نموذج علي بابا وأمازونعلي بابا وأمازون رغم أنهما عملاقان في مجال التجارة الإلكترونية، إلا أنهما يتبعان نماذج تجارية مختلفة تمامًا.أمازون تركز على البيع المباشر للمستهلكين من خلال متجرها الخاص، وتمتلك مستودعات ضخمة حول العالم تحفظ فيها المنتجات وتسلمها للعملاء بسرعة، ويسمى النموذج B2C أي من الشركة للمستهلك، ويركز على تجربة المشتري الفردية وسرعة التوصيل.بينما علي بابا تعمل بشكل أساسي كوسيط بين الشركات والمصنعين والمشترين الكبار، وليس مع المستهلك الفردي بشكل مباشر، ويسمعى ذلك B2B من الشركة إلى الشركة، وهو يركز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى أسواق عالمية أوسع. في مصر، هذا يعني أن أمازون توفر خدمات للمستهلك العادي الذي يريد شراء منتجات بسهولة وسرعة، بينما علي بابا توفر خدمات للشركات التي تريد تصدير منتجاتها أو استيراد بضائع بكميات كبيرة بأسعار تنافسية.أمازون مصر: المنافس القويدخلت أمازون السوق المصري بقوة، خاصة بعد دخول Souq.com عام 2010، وإعادة تسميتها إلى Amazon.eg في سبتمبر 2021. منذ ذلك التاريخ، عملت أمازون على توسيع خدماتها وفروعاتها في مصر وأطلقت استثمارات ضخمة تجاوزت مليار جنيه مصري. الخدمات التي تقدمها في مصر تشمل البيع بالتجزئة للمنتجات المختلفة، والتوصيل السريع للمنازل عبر 15 محطة توزيع، وخدمات الدفع الآمنة. أمازون لديها استثمارات ضخمة في البنية التحتية اللوجستية والمستودعات، والذي يسمح لها بتقديم خدمات توصيل موثوقة وسريعة. كما أن الشركة خلقت أكثر من 3000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة في السوق المصري، كما توفر أيضًا منصة للبائعين المحليين والدوليين لبيع منتجاتهم، لكن دورها الأساسي يبقى خدمة المستهلك النهائي وضمان حصوله على المنتج بسرعة وأمان.المنافسة والفرص في السوق المصريتشكل منافسة علي بابا وأمازون في مصر نقطة انطلاق لتطور حقيقي في قطاع التجارة الإلكترونية، فكلا الشركتين تسعى لتحسين الخدمات وتوسيع نطاق عملياتها، لدفع المنافسة الصحيحة التي تفيد الاقتصاد المصري بشكل عام. علي بابا تركز على دعم الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى أسواق عالمية بسهولة، وهذا يخلق فرص عمل جديدة ويزيد من الصادرات المصرية بشكل ملموس. من جهة أخرى، أمازون توفر للمستهلك المصري إمكانية الوصول إلى منتجات متنوعة وعالمية بأسعار تنافسية وتوصيل سريع وموثوق، وينعكس ذلك على تحسين خدمات كلا الشركتين باستمرار، ليمثل فائدة كبرى للمستهلك والتاجر المصري على حد سواء، ويرفع من جودة الخدمات المقدمة.فوائد وجود علي بابا في مصر على الشركات والمستهلكينتوسع علي بابا في مصر يحمل فوائد حقيقية للاقتصاد المصري على عدة مستويات:دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: يمنح المشروع هذه الشركات فرصة حقيقية للتصدير والوصول لأسواق عالمية دون الحاجة لبناء بنية لوجستية خاصة، مع توفير خدمات شحن وتخزين تقلل التكاليف وتزيد الأرباح.خلق فرص عمل جديدة: الاستثمار في البنية التحتية الرقمية واللوجستية سيوفر وظائف متنوعة للشباب المصري، خاصة في مجالات التكنولوجيا، والخدمات اللوجستية، وإدارة العمليات.تحسين تجربة المستهلك: سيستفيد المستهلكون من تنوع أكبر في المنتجات وأسعار تنافسية نتيجة المنافسة الصحية بين المنصات، مما يرفع جودة الخدمة ويزيد الخيارات المتاحة.تعزيز القطاع الرقمي: التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة سيدعم النمو الرقمي في مصر، ويحول القطاع إلى لاعب إقليمي قوي قادر على المنافسة والتوسع.تحديات وجود علي بابا في مصر والمستقبلرغم الفرص الضخمة التي يحملها توسع علي بابا في مصر، ما زالت هناك تحديات تتطلب معالجة جادة لضمان تحقيق أقصى استفادة. فعلى الرغم من التطور الكبير الذي شهدته شبكة الطرق المصرية وتقدمها في الترتيب العالمي، إلا أن تعزيز منظومة النقل والتخزين المتخصصة يظل ضروريًا لدعم كفاءة أي مركز لوجستي جديد وتسريع عمليات التوصيل. كذلك يحتاج السوق إلى إطار تنظيمي واضح وعادل يحمي المستهلكين والشركات المصرية من أي مخاطر قانونية أو مالية قد تنشأ. وأخيرًا، يصبح تدريب القوى العاملة على أحدث التقنيات والمهارات في اللوجستيات والتكنولوجيا عنصرًا أساسيًا لضمان جاهزية الكفاءات المصرية لمواكبة المعايير الدولية.في النهاية، يبدو المستقبل واعدًا للغاية لمصر كمركز إقليمي للتجارة الإلكترونية وتوزيع السلع في المنطقة.وإذا نجحت الدولة في تفعيل هذا التعاون وتحويله إلى واقع عملي، فستصبح بوابة إستراتيجية تمكن الشركات الأفريقية من الوصول إلى الأسواق العالمية بسهولة أكبر، فالتحول لا يحسن مكانة مصر الاقتصادية فقط، بل يضعها في موقع اللاعب الحقيقي والمؤثر داخل الاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة.