في خطوة تُعيد تعريف مفهوم التعلم الآلي، جوجل تحاكي مرونة الدماغ في ذكاء اصطناعي جديد قادر على إعادة بناء نفسه وتطوير معارفه باستمرار، فبدلًا من نماذج ثابتة تنسى المعلومات مع الوقت، يأتي هذا النموذج ليعمل كما يعمل الدماغ البشري: يتعلم، ويتكيف، ويوسع شبكاته العصبية ذاتيًا.ومن هنا يبدأ التحول الحقيقي: ليس مجرد نموذج يتفاعل مع البيانات، بل نظام تعلم ديناميكي يتطور مع كل تجربة، وفيما يلي أهم النقاط التي تكشف كيف يحدث ذلك في نموذج جوجل الجديد.ما هي المرونة العصبية ولماذا أهملتها الأنظمة الحالية؟هي القدرة البيولوجية الفريدة للدماغ البشري على إعادة تنظيم نفسه وتغيير بنيته الداخلية استجابة للتعلم والخبرات الجديدة. يمكن للدماغ أن يشكل اتصالات عصبية جديدة، ويعيد توجيه الإشارات عبر مسارات بديلة، ويقوي أو يضعف الروابط بين الخلايا العصبية حسب الحاجة، وتعد الآلية أساسية لكل أشكال التعلم والتذكر والتكيف مع البيئة الجديدة.المشكلة الحقيقية أن نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) الحالية تعاني من النسيان الكارثي، ومعارفها محصورة إما في السياق الفوري أو في المعلومات الثابتة التي تعلمتها خلال المرحلة التدريبية، وبمجرد انتهاء التدريب، يصبح النموذج ثابتًا وغير قادر على التطور الحقيقي.دور Google DeepMind والابتكار الهندسيجوجل ديب مايند، ليست مجرد مختبر بحثي تقليدي، فبعد اندماج مختبر Google Brain مع DeepMind في عام 2025، أصبحت المؤسسة الأم لـ أبحاث الذكاء الاصطناعي الأكثر طموحًا بالعالم، ويعمل فريقها على جمع الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب في إطار واحد، حيث تستخدم اكتشافات الدماغ البشري لتحسين الخورازميات وتطوير بنى معمارية جديدة.نتيجة هذا التعاون العلمي المكثف بين الباحثين بجوجل وفريق DeepMind، ولدت تقنية جديدة تمامًا تسمى: Nested Learning، طورت جوجل نموذجًا خاصًا لهذه التقنية أطلقت عليه اسم Hope Architecture.الفرق الأساسي والمهم: هذا النموذج لا يعالج المعلومات بطريقة خطية واحدة مثل النماذج القديمة، بل يعتمد على نظام معقد من طبقات متعددة ومتداخلة تعمل في أوقات مختلفة وبسرعات مختلفة؛ أي بعض الطبقات تتفاعل بسرعة للقرارات السريعة، وأخرى تعمل ببطء أكثر لتكوين المعارف طويلة الأجل، ويحاكي ذلك الطريقة التي يتعلم بها الدماغ البشري الحقيقي، والذي يستخدم معالجة مختلفة تمامًا للمعلومات.جوجل تحاكي مرونة الدماغ في ذكاء اصطناعي جديد: ما آلية العمل؟Nested Learning يعيد تفكيرنا في الذكاء الاصطناعي من الأساس، فبدلًا من آلة واحدة بسيطة، جوجل طورت نموذجًا يعمل مثل مئات من الآلات الصغيرة تعمل معًا، كما يعمل الدماغ البشري مع ملايين الخلايا العصبية، ويتحقق ذلك من خلال ثلاث طبقات متكاملة:طبقات الذاكرة المتعددة: تعمل بسرعات مختلفة، بعضها يتذكر الفوري مثل الجملة التي قرأتها الآن، وأخرى تحفظ المعلومات طويلة الأجل مثل ما تعلمته قبل أسابيع، لضمان عدم نسيان النموذج ما تعلمه بينما يركز على ما هو مهم الآن.أنظمة التعديل الذاتي: كلما تعلم النموذج شيئًا جديدًا، يغير بنيته الداخلية بنفسه، مثل دماغك الذي يعيد توصيل نفسه عند التعلم، ويعني ذلك أن النموذج يصحب أذكى مع كل تجربة جديدة ولا يبقى ثابتًا.المحسنات الذكية الجديدة: تدير عملية التعلم نفسها، فبدلًا من معلم يعطيك نفس التعليمات دائمًا، هذه المحسّنات تتعلم كيفية التعليم الأفضل مع الوقت، حيث تتذكر ما نجح وتحسن نفسها بناءً على النتائج.النتائج التجريبية: الأرقام التي تتحدث بصراحةأثبتت التجارب العملية قوة تقنية جوجل الجديدة:معالجة السياق الطويل: النموذج الجديد يحقق دقة عالية حتى مع سياقات طويلة جدًا تصل إلى ملايين الرموز.تعلم مستمر بدون نسيان: القدرة على تعلم معارف جديدة دون فقدان المعارف القديمة.كفاءة حسابية محسنة: استهلاك موارد حسابية أقل مقارنة بنماذج الحجم نفسه.أداء متفوقة على مهام الذاكرة: نجح في اختبارات البحث عن معلومات وسط كميات ضخمة من البيانات.جوجل تحاكي مرونة الدماغ في ذكاء اصطناعي جديد: التطبيقات العملية المستقبليةتطور الخدمات الرقمية: ستتجاوز تطبيقات جوجل والخدمات المماثلة مرحلة الأداء الثابت، فبدلًا من أن تقدم نفس الاستجابات والوظائف بشكل متكرر، ستصبح هذه الأنظمة أذكى مع كل تفاعل، حيث تتعلم من سلوك المستخدم وتفضيلاته لتخصيص التجربة بشكل مستمر.تحسين تجربة التسوق الإلكتروني: يمكن لأنظمة التوصيات في المتاجر الإلكترونية أن تتطور من مجرد عرض منتجات مشابهة لما تم شراؤه سابقًا إلى فهم أعمق وأكثر دقة لذوق العميل، ستتعلم الأنظمة من كل نقرة، وكل عملية بحث، وكل منتج يتم تجاهله، لتقدم توصيات مستقبلية تبدو وكأنها منتقاة بعناية من قبل خبير يعرفك شخصيًا.زيادة كفاءة معالجة المستندات: ستشهد تطبيقات تحليل النصوص الطويلة، مثل العقود القانونية أو التقارير المالية، نقلة نوعية، وستتمكن من فهم السياقات المعقدة وتحديد المعلومات الرئيسية بسرعة ودقة تفوق القدرات السابقة، والذي يقلل من الوقت والجهد اللازمين لمراجعة وتحليل كميات هائلة من البيانات المكتوبة.جيل جديد من الروبوتات والأتمتة: ستنتقل الروبوتات من كونها مجرد آلات تنفذ أوامر مبرمجة مسبقًا إلى كيانات قادرة على التعلم والتكيف بشكل حقيقي مع بيئتها، فمثلًا يمكن لروبوت صناعي أن يتعلم كيفية التعامل مع مكونات جديدة وغير مألوفة من خلال التجربة والخطأ، أو يمكن لروبوت منزلي أن يتعلم أفضل مسار للتنظيف في منزلك بناءً على حركة الأشخاص وتغير أماكن الأثاث.الخطوة نحو الذكاء الاصطناعي العام (AGI)يرى الباحثون أن هذا التطور يمثل خطوة حقيقية نحو الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، والذي يعني ذكاء اصطناعي قادر على القيام بأي مهمة يقوم بها البشر تقريبًا، بدلاً من التخصص في مجال واحد فقط.حل مشكلة النسيان الكارثي هو أحد أكبر العقبات المتبقية أمام AGI، وNested Learning يوفر حلًأ حقيقيًا لهذه المشكلة من خلال نظام الذاكرة المتقدم والتعلم المستمر.التحديات المتبقية والبحث المستمررغم النجاح الملحوظ، لا يزال هناك تحديات:التوافق مع الأنظمة الموجودة: دمج Nested Learning مع البنى الحالية يتطلب عملًا إضافيًا.التكاليف الحسابية: النماذج الأكثر مرونة قد تتطلب موارد حسابية أكبر في بعض الحالات.التنظيم والشفافية: القوانين الجديدة مثل EU AI Act تتطلب شفافية في خوارزميات التعلم المستمر.الخصوصية والأمان: ضمان عدم تسرب البيانات الخاصة أثناء التعلم المستمر.أسئلة شائعةما هي طبقة الذكاء الاصطناعي التي تحاكي الدماغ البشري؟الطبقات المخفية هي الأقرب لمحاكاة الدماغ، تحتوي على عقد تمثل الخلايا العصبية، وابتكار جوجل الجديد يضيف طبقات ذاكرة متعددة المستويات تعمل على أوقات زمنية مختلفة.ما هو DeepMind AI من Google؟هي مؤسسة بحثية عملاقة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وتابعة لـ Alphabet Inc، وتأسست كشركة ناشئة بريطانية عام 2010 واستحوذت عليها جوجل عام 2014، واندمجت مع معمل Google Brain عام 2023 لتصبح Google DeepMind الحالية.تُعرف الشركة بابتكارات غير مسبوقة، أبرزها AlphaGo الذي تفوق على أبطال العالم في لعبة Go، وAlphaFold الذي كشف بنية البروتينات بدقة عالية، بالإضافة إلى مشروع Virtual Rat Brain الذي يقدّم محاكاة رقمية لوظائف دماغ الفأر، وما يميز نهجها هو الدمج بين الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب ضمن رؤية واحدة متكاملة.