أحدثت شركة OpenAI صدمة في عالم الذكاء الاصطناعي بإعلانها عن طرح نسخة للكبار فقط من ChatGPT، تتيح محتوى أكثر تحررًا لمن هم فوق 18 عامًا شرط التحقق من الهوية والعمر.يأتي التحديث كاستجابة مباشرة لنقاشات عالمية حول حرية المستخدم، والمسؤولية الأخلاقية، وتوازن السلامة مع الخصوصية والرقابة.سيمثل التحديث قفزة نوعية في توجهات الذكاء الاصطناعي، حيث يفتح الباب أمام حوار أكثر عمقًا وواقعية مع الروبوت، ويتماهى مع السيناريوهات المستقبلية التي صورها فيلم Her، والذي جسد العلاقة العاطفية والإنسانية وبرنامج ذكاء اصطناعي متطور.دوافع قرار شركة OpenAIترجع الشركة التغيير الجذري إلى رغبتها في أن تتعامل مع البالغين كأشخاص بالغين، بعد أن كانت قد فرضت قيودًا كبيرة على أنواع المحادثات التي يمكن أن يجريها المستخدمون مع شات جي بي تي بحجة حماية الصحة النفسية والشباب.وقد ذكر سام ألتمان، المدير التنفيذي للشركة، بأن سياسة الحماية الشاملة جعلت الخدمة أقرب إلى إسكات الاحتياجات الحقيقية لمستخدميها البالغين، وقللت من متعة التجربة، وأضعفت قدرة المنصة على خلق تفاعل بشري طبيعي وواقعي.ولكن لا يعني إطلاق نسخة للكبار فقط إهمال اعتبارات السلامة، بل يتضمن تفعيل التحقق من العمر والرقابة الذكية لحماية صغار السن وضمان عدم وصولهم لهذا المحتوى.آلية التحقق والرقابة: كيف يفعل ChatGPT للكبار فقط؟سيبدأ العمل بهذا النظام بداية من ديسمبر 2025، ويشمل عدة أدوات وعمليات تقنية متقدمة لضمان الامتثال الصارم للقيود العمرية، منها:اعتماد نظام التحقق الإجباري من الهوية أو العمر عبر رفع بطاقة الهوية أو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستخدم واكتشاف محاولات التلاعب.تطوير نظام متكامل لتقدير العمر بناءً على طريقة تفاعل المستخدم مع المنصة، وإذا كان هناك أدنى شك، يتم تحويله تلقائيًا إلى تجربة آمنة مخصصة للقصر دون إمكانية الوصول للمحتوى المخصص للبالغين.احتفاظ المنصة بميزة الرقابة الأبوية وأدوات الحجب الذكي لمنع أي محاولات تجاوز للقيود.مميزات نسخة للكبار فقط: حرية أكبر وتفاعل أكثر إنسانيةوتشميل المميزات الجديدة التي ستتوفر للبالغين بعد التحقق من هويتهم وعمرهم ما يلي:إمكانية فتح محادثات تشمل مواضيع حساسة وذات طابع جنسي أو حوارات إيروتيكية بما لا يتعارض مع القوانين أو أخلاقيات المنصة.تخصيص أكبر لطبيعة الردود ونبرة الصوت واللمسات الإنسانية على الإجابات، بحيث يمكن للمستخدم جعل ChatGPT يتحدث بمرونة وود أقرب للصداقة مع استخدام الرموز التعبيرية أو نبرة مرحة إذا رغب المستخدم.تخفيف عام للقيود المفروضة سابقًا مع الحفاظ الكامل على الحظر التلقائي لأي محادثات غير قانونية، ضارة أو استغلالية مثل التهديدات أو التحريض أو خطاب الكراهية أو الحديث مع القُصر حول قضايا غير مناسبة.أسباب التغيير: قضايا الصحة النفسية وضغوط المنافسةلم يكن القرار وليد اللحظة، بل جاء بعد تعرض شركة OpenAI لانتقادات كبيرة، خاصةً بعد حوادث مأساوية مثل انتحار مراهق كان يتفاعل مع شات جي بي تي لأشهر، والذي نتج عنه دعاوى قضائية وضغط إعلامي شديد.فرأت الشركة أن استمرار القيود الصارمة أضعف الخدمة وسمح لمنصات الذكاء الاصطناعي المنافسة باستقطاب شرائح جديدة تبحث عن حرية وخيارات أكبر، وقد استشارت خبراء الصحة النفسية وراجعت الضوابط القانونية حول حماية الأطفال قبل أن تنوي المضي قدمًا في هذه الخطوة، ومؤكدة أن معايير التعامل مع القصر ستظل أكثر حسمًا وصرامة.بالإضافة لنمو سوق الاشتراكات المدفوعة وتحقيق العوائد المادية الأكبر دفع الشركة لإعطاء البالغين تجربة أكثر تخصيصًا ومرونة.وجهات النظر حول إطلاق نسخة للكبار فقط من شات جي بي تيحظي القرار بردود أفعال عالمية متباينة؛ فقد حذرت مجموعات حماية الأطفال وخبراء الصحة النفسية من مخاطر زيادة الاعتماد عليه في تلبية الاحتياجات العاطفية للكبار وإمكانية تشوه العلاقات الإنسانية أو الإدمان.وهناك جدل مستمر حول فعالية أنظمة التحقق من الهوية في ظل انتشار أساليب التحايل الرقمي، خاصة أن التقارير تشير إلى أن حوالي 20% من القصر يزورون أعمارهم على منصات التواصل الاجتماعي.رغم ذلك، يرى كثير من الخبراء أن الموقع يحتاج لمثل هذه الخطوة لمواكبة الخدمات المنافسة وتحقيق النضج الفكري والتقني للسوق.مستقبل ChatGPT: هل تتحول المنصة لعالم أكثر واقعية وإنسانية؟يبشر صانعو القرار في OpenAI بأن نسخة للكبار فقط ليست مجرد رفاهية بل جزء من تطور شامل لطريقة تفاعل البشر مع تقنيات الذكاء الاصطناعي:سيجعل ChatGPT أكثر قدرة على بناء تواصل طبيعي وحقيقي مع البالغين، مع توفير بدائل ترفيهية وأدوات مساعدة في المواقف الاجتماعية والعاطفية.ستظل هناك خطوط حمراء قوية حول أي انتهاك للقوانين أو محاولة استغلال أو خطاب كراهية أو التحريض على العنف.تسعى شركة OpenAI لأن يكون الذكاء الاصطناعي امتدادًا للحوار البشري وليس بديلًا عنه أو مصدر عزلة، مع بقاء القلب الإنساني للتجربة هو الأهم.التحديات التقنية والقانونية المنتظرة لنسخة البالغين فقطرغم كل التفاؤل وما يبشر به متخذو القرار، إلا أن أمام الشركة تحديات كبيرة وضخمة لتطبيق هذا القرار، كما تتوقع:تطوير أدوات ذكاء اصطناعي دقيقة لحساب الأعمار وكشف التلاعب السلوكي، خصوصًا أن الخصوصية جزء أساسي من علاقة المستخدم بالمنصة.الاستمرار في تحديث الخوارزميات للكشف عن المحتوى الضار دون التسبب بمزيد من الحجب غير المبرر للتجارب الآمنة.مقاومة ضغوط الحكومات ولوائح التنظيم الصارمة التي قد تختلف من دولة لأخرى، واحترام حدود القوانين المحلية المتعلقة بالمحتوى الجنسي أو الحساس.كيف يؤثر إطلاق نسخة للكبار فقط على المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي؟قد تختار شركات منافسة مثل Google وMeta وAnthropic تطوير حلول مماثلة أو تعزيز تدابيرها الحالية للتماشي مع هذا الاتجاه.يشكل انفتاح OpenAI على هذا النوع من التخصيص حافزًا لنمو قاعدة المستخدمين البالغين والمهنيين الذين يحتاجون للحرية الإبداعية والأمان في نفس الوقت.يمثل إطلاق نسخة ChatGPT للكبار فقط خطوة تقنية متقدمة تعكس تطور الذكاء الاصطناعي في تقديم تجارب تفاعلية متخصصة وآمنة. وبينما نقترب أكثر من العصر الذي تصوره فيلم Her، تستمر OpenAI في مواجهة التحديات التقنية والأخلاقية لضمان دمج الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وفعال في حياتنا اليومية.